الإمام الدارقطني
أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي أبو الحسن البغدادي الدارقطني ؛ الإمام شيخ الإسلام ، حافظ الزمان، والدارقطني نسبة إلى دارالقطن وهي محلة ببغداد.
ملامح شخصيته وأخلاقه:
[ رحمه الله][علم الحديث] أستاذ هذه الصناعة إمام وقته وقبله بمدة وبعده إلى زماننا هذا سمع الكثير وجمع وصنف وألف وأجاد وأفاد وأحسن النظر
وكان فريد عصره ونسيج وحده وإمام دهره في أسماء الرجال وصناعة التعليل والجرح والتعديلل وحسن التصنيف والتأليف واتساع الرواية والاطلاع التام في الدراية
انتهى إليه علم الأثر والمعرفة بعلل الحديث وأسماء الرجال وأحوال الرواة مع الصدق والأمانة والفقه والعدالة وقبول الشهادة وصحة الاعتقاد وسلامة المذهب.
وكان الدراقطني رحمه الله يحب العلماء والإقبال عليهم وملازمتهم، ومن هؤلاء العلماء الحسن بن أحمد بن صالح أبو محمد الهمداني السَّبيعي الحلبي ، وكان حافظاً متقناً .
سمع وروى عنه الدَّراقطني ، وكان وجيهاً عند سيف الدولة وكان يزوره في داره . وصنّف له كتاب التبصرة في فضيلة العترة المطهَّرة . وكان له في العامة سوقٌ وهو الذي وقف حمام السَّبيعي على العلويّين . وتوفي سنة إحدى وسبعين وثلاثمئة وكان الحافظ أبو محد هذا قد طاف الدنيا وهو عسر الرواية .
وكان الدارقطني يجلس بين يديه كجلوس الصبيِّ بين يدي معلّمه هيبةً له وقال : قدم علينا حلب الوزير جعفر بن الفضل فتلقاه الناس وكنت فيهم فعرف أني من أصحاب الحديث فقال : أتعرف حديثاً فيه إسناد أربعة من الصحابة كل واحدٍ عن صاحبه فقلت نعم حديث السّايب بن يزيد عن حويطب بن عبد العزَّى عن عبد الله بن السَّعدي عن عمر بن الخطاب في العمالة فعرف صحة قولي فأكرمني .
شيوخه وتلاميذه:
سمع الدارقطني من أبي القاسم البغوي وخلق كثير ببغداد والكوفة والبصرة وواسط
وأخذ العلم عن الدارقطني محمد بن الحسن الشيباني وصعصعة بن سلام وأبو معاوية الضرير وغيرهم.
شدة ذكائه:
ومما يؤكد شدة ذكائه هذا الموقف، فقد جلس مرة في مجلس إسماعيل الصفار وهو يملي على الناس الأحاديث والدارقطني ينسخ في جزء حديث فقال له بعض المحدثين في أثناء المجلس إن سماعك لا يصح وأنت تنسخ فقال الدارقطني فهمي للإملاء أحسن من فهمك وأحضر ثم قال له ذلك الرجل أتحفظ كم أملي حديثا فقال إنه أملى ثمانية عشر حديثا إلى الآن والحديث الأول منها عن فلان عن فلان ثم ساقها كلها بأسانيدها وألفاظها لم يخرم منها شيئا فتعجب الناس منه.
آراء العلماء فيه:
قال الحاكم أبو عبدالله النيسابوري لم ير الدارقطني مثل نفسه ، وقال ابن الجوزي وقد اجتمع له مع معرفة الحديث والعلم بالقراءات والنحو والفقه والشعر مع الإمامة والعداله وصحة العقيدة.
قال ابن كثير: الحافظ الكبير أستذا هذه الصناعة وقبله بمدة وبعده إلى زماننا هذا سمع الكثير وجمع وصنف وألف وأجاد وأفاد وأحسن النظر والتعليل والانتقاد والاعتقاد وكان فريد عصره ونسيج وحده وإمام دهره في أسماء الرجال وصناعة التعليل والجرح والتعديلل وحسن التصنيف والتأليف واتساع الرواية والاطلاع التام في الدراية.
له كتابه المشهور من أحسن المصنفات في بابه لم يسبق إلى مثله و لا يلحق في شكله إلا من استمد من بحره وعمل كعمله وله كتاب العلل بين فيه الصواب من الدخل والمتصل من المرسل والمنقطع والمعضل وكتاب الافراد الذي لا يفهمه فضلا عن أن ينظمه إلا من هو من الحفاظ الأفراد والأئمة النقاد والجهابدة الجياد وله غير ذلك من المصنفات التي هي كالعقود في الأجياد وكان من صغره موصوفا بالحفظ الباهر والفهم الثاقب والبحر الزاخر.
وقال عبدالغني بن سعيد الضرير لم يتكلم على الأحاديث مثل علي بن المديني في زمانه وموسى بن هارون في زمانه والدارقطني في زمانه وسئل الدارقطني هل رأى مثل نفسه قال أما في فن واحد فربما رأيت من هو أفضل مني وأما فيما اجتمع لي من الفنون فلا"
وقال الذهبي إن كان كتاب العلل الموجود قد أملاه الدارقطني من حفظه فهذا أمر عظيم يقضي به للدار قطني أنه أحفظ أهل الدنيا وإن كان قد أملي بعضه من حفظه فهذا ممكن ، وقد أهدي إليه رجل هدية فأملي عليه من حفظه سبعة عشر حديثا متون جميعها إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه.
وقال أبو عبد الرحمن السلمي فيما نقله عنه الحاكم شهدت بالله إن شيخنا الدارقطني لم يخلف علي أديم الأرض مثله في معرفة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك الصحابة وأتباعهم
وقال ابن خلكان وقد رحل إلى الديار المصرية فأكرمه الوزير أبو الفضل جعفر بن خنزابة وزير كافور الأخشيدي وساعده هو والحافظ عبد الغني على إكمال مسنده وحصل للدارقطني منه مال جزيل.
مؤلفاته:
1- كتاب السنن.
2- العلل الواردة في الأحاديث النبوية
3ـ المجتبي من السنن المأثورة
4- المختلف والمؤتلف في أسماء الرجال
5- كتاب الافراد الذي لا يفهمه فضلا عن أن ينظمه إلا من هو من الحفاظ الأفراد والأئمة النقاد والجهابدة الجياد وله غير ذلك من المصنفات التي هي كالعقود في الأجياد
6- سؤلات الحاكم وهو كتاب عمدة في الجرح والتعديل
وفاته:
وقد غادر الإمام الدراقطني الدنيا ، بعد حياة حافلة بالجد والحرص على تلقي العلوم ، ونشرها بين طلاب العلم، فكانت وفاته في يوم الثلاثاء السابع من ذي القعدة سنة خمس وثمانين وثلاثمائه وله من العمر سبع وسبعون سنة.