هنا..
محمد كان بيعلب عسكر وحرامية.. متعود يستخبى فى الخرابة..
ضحكته لسه بترن فى ودانى.. يا ترى يا محمد رحت فين؟؟!!
صرخات هيستيرية تشق قلب الصمت بمقابر بلدة صغيرة فى قلب الصعيد..
(أمه الحقينى يا أمه) آخر ما نطق به محمد.. بعدها فاضت روحه.. لم يجد من يمسح دموعه.. ظلت عيناه تحدق برعب كأنه شاهد عفريتا..
عم محروس يبكى محمد كما لم يبك من قبل.. وجدوه مخنوقاً مربوط اليدين يسيل لعابه ساخناً.. دموعه بللت جسده العارى من كثرتها..
شقت أم محمد صدرها.. مزقت شعرها المجدول.. لم تعد فى حاجة إليه!!.
لقد مات محمد.. قتلوا أول فرحتها.. وآخرها!!
تضمه إلى صدرها.. تنادى عليه لا يسمعها رغم أنها تصرخ فى أذنيه!!.
تلملم أم محمد بقايا ابنها الوحيد تبحث عن ملابسه.. لا تجدها إلا ممزقة على بعد عشرات الأمتار مختلطة بأنفاس طفل قاوم الموت بجرأة وشجاعة..
من قتلك يا محمد؟ من اغتال براءة سنوات عمرك الست؟
تمدد جسد محمد على طاولة مستديرة يلتف حوله الأطباء يقطعون جسده إرباً.. يمزقون براءته.. يطمسون معالم طفولته.. تحول جسده إلى أشلاء.. لا مفر فتقرير الطب الشرعى جاء صدمة للجميع.. محمد قتل لأنه قاوم الاغتصاب!!.
حسين صديق محمد يكبره بثلاث سنوات يغلق باب حجرته يظل يبكى ليلاً ويشرد ذهنه نهاراً.. لا يتكلم مع أحد.. ظن أهله أنه فقد النطق.. بعد مقتل محمد..
حسين شاهد بعينيه ما حدث!!
عم محروس قلبه طيب.. بيحب العيال الصغيرة.. بيجيب لنا شيكولاتة وحاجات حلوة كتير..
محمد كان شقى وبيلعب كتير مع عم محروس.. وبيروح معاه يتفسح..
بهذه الكلمات بدأ حسين حديثه فى محضر رسمى أمام وكيل النيابة.. صمت قليلاً.. ونظرة طويلة شاردة تذكره بما حدث.. فيرتجف جسد حسين النحيل.. يبكى يتشنج جسده..
يسقط مغشياً عليه..
يتوسل والد حسين لوكيل النيابة أن يترك ابنه ويعفيه من الكلام..
يقنعه الضابط بأن حسين ابنه هو الشاهد الوحيد.. لولاه ما عرفنا القاتل..
استسلم والد حسين وقلبه ينتفض خوفا وجزعا على ابنه حسين..
مر وقت ليس بقليل حتى استرد حسين وعيه.. ونظرة واثقة أطلقها وكيل النيابة وكلمات حانية أمدت براءته بالقوة والشجاعة.. نعم هو عم محروس.. قتل محمد خنقه بيديه الاثنتين.. محمد مش عايز يخلع هدومه.. عم محروس قليل الأدب..
ارتمى حسين فى حضن أبيه يخفى نفسه.. لا يريد أن يراه أحد.. عم محروس ممكن يقتلنى زى ما قتل محمد.. أبويا أنا مش عايز أموت!!.
تمتد يد الضابط تأخذ بحسين تهون عليه.. تعده بأن محروس مصيره الموت.. ربنا قال كده ياحسين (من قتل يقتل) أوعى تخاف.. انت بطل.. تارك هو تارنا!!.
لازم نخاف على ولادنا زى بناتنا!!.