~•«( منتدى شباب قرقطآن )»•~
اهلا بكم في منتدى شباب قرقطآن
~•«( منتدى شباب قرقطآن )»•~
اهلا بكم في منتدى شباب قرقطآن
~•«( منتدى شباب قرقطآن )»•~
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

~•«( منتدى شباب قرقطآن )»•~

~•«( منتدى شباب قرقطآن )»•~
 
الرئيسيةثورتنا : قصص فى حجم الكفين I_icon_mini_portalأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 ثورتنا : قصص فى حجم الكفين

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمودعبدالحميد
نائب المدير
نائب المدير
محمودعبدالحميد


عدد المساهمات : 90
نقاط : 71635
التقييم : 73
تاريخ التسجيل : 16/04/2011
العمر : 40

ثورتنا : قصص فى حجم الكفين Empty
مُساهمةموضوع: ثورتنا : قصص فى حجم الكفين   ثورتنا : قصص فى حجم الكفين I_icon_minitimeالسبت أبريل 16, 2011 1:55 am

فجر السبت، 29 يناير، العالم من حولنا فراغ، خواء، غارق فى الوحشة والصمت، عقب بركان الأمس.

نهار ومغرب وليلة أمس قامت القيامة، اشتعلتْ النيران فى كل مكان، وارتفع صوت الرعب، وعبث وحش الموت، بطول البلاد وعرضها، وفجر اليوم سبت الرماد.

السماء من فوقنا ما تزال سوداء، لم يتخللها نور بعد، ظلام فى الأزقة، الحوارى، الشوارع، عتبات البيوت، مداخل العمارات، وفوق الساحات، والميادين. هواء البلاد دخان أسود، أُكسجين تنفسنا صلب كبرادة حديد، وأفئدة الخلق مستوحشة، فزعة، وخائفة.

كل شىء وحشة وفراغ فى عيوننا الساهرة، حتى النائمة، إن كانت قد نامت عيون.

شخص وحيد يسير فى الشوارع، تحت الضباب، وغبش الفجر، غير عابئ بالخوف، وبالبرد. يلبس ثوبا أبيض، ويلف حول رقبته كوفية صوف، بألوان ثلاثة: الأحمر والأبيض والأسود. يحمل على كتفه سلَّما معدنيا، مزدوجا صغيرا، يسنده بيسراه، ومعلق بيمينه حقيبة جلدية، مفتوحة السوستة، تبرز منها علب اسبراى طويلة.

الرجل يمشى على مهل، بحموله، فى البرد القارس، ينتقل من شارع رئيسى إلى آخر. أحيانا تتباطأ حركته، ليتأمل واجهة مقهى، أو دكان، مدخل محطة مترو أو قطارات، حديد كوبرى أو سور مدرسة أو مصنع. أحيانا يتوقف أمام مبنى، ينزل سلَّمه من فوق كتفيه، ويعاين الواجهة، يهز رأسه غير راض، يتردد، بعد وقت يغيّر رأيه، فيحمل سلمه ويمضى بحثا عن مكان أفضل، حتى يتوقف مرة أخرى.

ببطء ودقة يتأمل بناية، وعندما يقر له قرار يبدأ العمل. يفتح سلمه المزدوج، ويصعد لأعلى درجاته، يسحب من حقيبته علبة اسبراى ويرجها بقوة، يشرق وجهه، وهو يرش الحائط أولا بالأبيض، ثم فوقه يكتب باللون الأحمر، بخط جميل، ثم يهبط، ويهم بالمغادرة.

يحمل سلّمه فوق كتفه وظهره، وحقيبته فى يده، ويمشى لمسافة أبعد، يتجول من حىّ إلى آخر من أحياء المدينة. لعشرات المرات سيتوقف، عندما يعجبه حائط شركة، أو فرن، أو سينما، يفتح سلمه المعدنى الصغير ويصعد، ومبتسما يكتب.

هكذا منذ الفجر كان يعمل بجد واجتهاد، وبوجه مشرق.

حتى بداية ظهور الناس فى الشوارع كان يكتب، يغطى معظم حوائط المدينة بكلمتين: «ثورة مصر».
كان الرجل يبث الأمل.

خـــــــــــــوف

فى طريقى إلى الميدان كنتُ خائفا، ومرعوبا، أتحسس، بأصابع يدى اليمنى مقبض سكين المطبخ الطويل، تحت جوربى. نصله الحاد يَخزُ جلدى مع اهتزاز التاكسى العتيق، فأتألم زاما شفتى. نظرى زائغ ومتردد، أنظر إلى السائق بجوارى، وإلى الطريق أمامنا، وإلى الشارع والأشياء فى الخارج، بتوجس وريبة.

بينى وبينه صمت ثقيل، هو ثابت وساكن خلف عجلة القيادة، عيناه متجمدتان على الطريق أمامه، لكنى أشعر برعشة قلبه فى صدره، بتوتره، وبخوفه منى، تماما، كخشيتى منه.

يبدو السائق فى منتصف الثلاثينيات، تلمع فى خنصر يسراه دبلة زواج، ملامح وجهه صماء وحادة، غارق فى ذاته، سارح، وذهب أبعد كثيرا، من عجلة القيادة والطريق، دون أن ينسى وجودى إلى جواره، وخوفه الرابض.

السائق يقود بسرعة بطيئة جدا، والسيارة تكاد لا تبرح مكانها رغم خلو شارع مراد أمامنا. لا سيارات وراءنا أيضا.

الولد والبنت والزوجة فى البيت وحدهم، خائف أن يقتحم عليهم الشقة لص أو مجرم هارب أو بلطجى. يا رب، لا تدع أحدا يؤذيهم، أنا أدافع عنهم فى مكان آخر، ابق معهم، احفظهم، أعرف أنك الحافظ، العادل.

السجون فُتحتْ، وهرب آلاف السجناء، العصابات المسلحة،الجديدة، والسرّية التى كانت تعمل تحت الأرض، والمُدَخرة لهذا اليوم، اللصوص، والبلطجية يهاجمون البنوك، والمراكز التجارية، المصانع والمستشفيات، والأحياء السكنية، والبيوت والشقق، ويعيثون فسادا فى كل مكان.

لا تلتقى عيناى أبدا بعينى السائق إلى جوارى، كلانا غارق فى أفكاره، وخوفه، وبصيص أمله. والقاهرة حولنا شبه خاوية، تكاد تكون مهجورة، لا أحد تقريبا فى الشوارع، شبابيك البيوت، والعمارات، والشركات مغلقة، الفنادق خرائب مهجورة، صمت جارف جاثم فوق جسد أصخب مدن الشرق، المشهد كله خاو من السكان، البشر، الإنسان، حتى شمس الصباح حزينة، واهنة.

عندما وصلنا إلى كوبرى الجلاء تنفسنا، أنا والسائق، الصعداء أخيرا.

عند مدخل الكوبرى دبابة، فوقها جندى، ساكن وهادئ.
وبدأنا نسمع هدير الهتاف يأتى من ميدان التحرير، الناس كلهم هناك، القاهرة كلها هناك.

توقفت السيارة عند كوبرى قصر النيل، نزلتُ، وتبادلتُ والسائق ابتسامة أمل وأمان، وسرتُ فى طريقى إلى التحرير.

فتـــــــــــــــــاة

هل كنتَ تجلس إلى جوارى هناك، ورأيتَها، تلك الفتاة الجميلة؟

كان خلفنا مدخل المترو، وعمارة على بابا القديمة، وشجرة رمضان، التى يفرش تحتها الجرائد، والمجلات، والكتب. وكنتُ جالسا فوق حديد سور الميدان، بالكاد أحشر جسدى بين اثنين لا أعرفهما، لعلكَ كنتَ أحدهما.

كنا متوحدين، أجسادنا متلاصقة، آمالنا واحدة، ونحاذر أن نسقط من فوق السور، ونقع على الناس أمامنا.

أتذكر؟ أتذكرها؟
كان أمامنا حشود، بحر من الرجال والنساء، الشباب، والكهول والعجائز، ما لا يُحصى ولا يعد من شعب مصر.

هل انتبهتَ إليها، لمحتها، أرأيتها وسط كل هذا الزحام؟
امرأة سمراء، كلون نهر النيل، فى نحو الثلاثين، ترتدى جينز، وجاكيت أسود، شعرها أسود طلق، ينسدل على كتفيها بإهمال، وجهها صبوح خال من الماكياج، وحول جبهتها يلمع شريط بعلم مصر، كانت تتجول، وبيدها شنطة بلاستيك بيضاء، مفتوحة.

اقتربت منا، متكئة بيسراها، بعفوية، على كتف واحد، ومدت يدها اليمنى لنا بالشنطة، وهى تبتسم ابتسامة عذبة، كان بالشنطة سندوتشات فول، وطعمية، وبطاطس، وبعض الطرشى.

مددتُ يدى، وأخذت سندوتش فول، جاوبتنى فرحة، بابتسامة أخرى، أكلتُ، ومضغت أشهى طعام.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ثورتنا : قصص فى حجم الكفين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
~•«( منتدى شباب قرقطآن )»•~ :: «®°·.¸.•°°·.¸.•°™ منتديات شباب قرقطان العامه ™°·.¸.•°°·.¸.•°®» :: ~•«( آرآء حـــــرة )»•~-
انتقل الى: